سلمى امير 

عمر طفل في السابعة من عمره، يحب التساؤل و معرفة كل ما لا يعرفه. 

في أحد أيام الصيف الحارة قررت عائلة عمر الذهاب لتسلق الجبال، ففرح عمر فرحًا شديدًا لأنه لأول مرة سيجرب تسلق الجبال، و كما تعرفون فهو يعشق تجربة كل ما هو جديد من ( أنشطة ، رحلات ، طعام ، … ). 

ذهب عمر و عائلته لتسلق الجبال و عندما صعد عمر للقمة فوجئ بوجود الثلوج، اندهش عمر كثيرا وقال: ماذا؟  ثلوج! نحن في فصل الصيف! 

مر قليل من الوقت و بدأ عمر يشعر بالبرودة، فأخبر أمه: أنا أشعر بالبرد يا أمي. 

فقالت أمه: لقد أحضرت معنا في الحقيبة معطفا لك ارتديه يا عزيزي. 

ارتدي عمر معطفه بكل حماس و ظل يستمتع بمنظر الثلوج الرائع و نسمات الجو الباردة علي قمة الجبل. 

أثناء نزول عمر من قمة الجبل لاحظ أنه كلما نزل شعر بالدفء و لم يعد الجو باردًا كما كان علي القمة، و دار سؤال في عقل عمر في طريق عودته الي المنزل ( كيف شعرت بالبرودة و رأيت بعض الثلوج  علي قمة الجبل و نحن في أيام الصيف ؟ ) 

بعد عودته الي المنزل فكر عمر أن يسأل أهله عن السر وراء هذه الثلوج و الجو البارد. 

بدأ بجده فذهب اليه لكن للأسف كان جده وجدته بالخارج  فلم يستطع سؤال جده و معرفة السر، فشعر ببعض الحزن و لكنه تذكر أن خالته معلمة لمادة الدراسات ربما يجد عندها إجابة السؤال و عندما ذهب اليها و اخبرها فقالت: يا عمر أريد أن أطهو طعام الغداء أنا مشغولة جدا اترك هذا السؤال لوقت آخر من فضلك . 

ذهب عمر الي منزله بوجه حزين فهو لم يجد إجابة السؤال بعد. خطرت في بال عمر فكرة و هي أن يحاول البحث علي الانترنت ، و لكن للأسف كان هناك عطل فني في شبكة الانترنت. شعر عمر بالحزن الشديد فهو يريد معرفة الإجابة، رآه أخوه الأكبر فقال له: لماذا تبدو حزين يا عمر؟ فقال عمر: لم أجد احد يجيب علي سؤالي. 

فقال اخوه: و ما هو هذا السؤال يا ترى ؟ 

قال عمر: لماذا كلما ارتفعنا عن سطح الأرض تنخفض درجة الحرارة ؟ 

قال أخوه : لا تحزن يا عمر ، أتذكر ان عندي كتاب في علم الجغرافيا ، سوف أحضر الكتاب ربما نجد فيه الإجابة عن سؤالك. 

بحثا في الكتاب عن الإجابة لكنهما وجدا ان الإجابة قليلة جدا و مختصرة. فلم يكتف عمر بهذه الإجابة المختصرة و لكنه كتبها في دفتر خاص بإجابات أسئلته الفضولية. قرر عمر أن يذهب في اليوم التالي الي المكتبة ربما يجد فيها كتابًا يجيب السؤال بطريقة تناسب فضوله.  

في صباح اليوم التالي استيقظ عمر وتناول فطوره و ارتدى ملابسه و ركب دراجته و ذهب الي المكتبة. وجد عمر في المكتبة كتاب يتكلم عن هذا الموضوع، و ظل يقرأه في هدوء مراعيًا آداب المكتبة، و عندما وجد ان الوقت تأخر استأذن من مشرف المكتبة أن يأخذ معه الكتاب الي البيت يومين، فوافق المشرف. 

و في طريق عودته الي البيت رأى عمر جده فقال له: يا جدي كنت اريدك امس لتجيب عن سؤالي لكني لم اجدك بالبيت. 

قال له الجد: ما رأيك ان نذهب الي البيت معا و نتحدث بخصوص سؤالك بكل تركيز.

 قال له عمر: حسنا يا جدي.

عندما ذهب عمر الي بيت جده أحضرت لهما جدتهما بعض المثلجات ليتناولاها، فشكر عمر جدته و تناولها بكل استمتاع فهي لذيذة، قال الجد لعمر : قل لي يا عمر ما هو سؤالك؟ 

قال عمر : لماذا يا جدي كلما ارتفعنا عن سطح الأرض تنخفض درجة الحرارة ؟ لقد شاهدت علي قمة الجبل ثلوج و أيضا شعرت بالبرودة بالرغم من اننا في فصل الصيف ؟ 

ضحك الجد و قال : هل تسمح لي أن اروي لك قصة. فقال عمر : تفضل يا جدي .

قال الجد: عندما كنت في العشرين من عمري كنت اعمل في تنزانيا سفيرًا و كان كل الناس يتحدثون عن جبل هناك يسمى كلمنجارو فهو جبل طويل جدا يبلغ طوله 5000 متر و كانت تغطيه الثلوج طوال العام، فذهبت أنا و أصدقائي لتسلقه و كان لي صديق ماهر جدا في التسلق اسمه عبد الرحمن فسبقنا الي قمة الجبل و لكن تفاجأنا انه نزل فتعجبنا جميعا فقلنا له : لماذا نزلت ؟ قال: لأن الجو بارد جدا و انا نسيت معطفي، فقلنا ما رأيكم ان نرجع لبيوتنا و رجعنا ، و قلت لهم : ما رأيكم ان نذهب الي المكتبة؟ فقالوا لماذا ؟ فقلت: لنعرف كيف يكون الجو بارد بالأعلى و في البيوت دافئ ؟ 

و عندما ذهبنا للمكتبة وجدناها مغلقة ! فعدنا الي بيوتنا. و في اليوم التالي لم أهتم بالسؤال و لم أتذكره بسبب انشغالي في العمل! 

و انت الآن بعد هذه السنين تأتي لي بهذا السؤال أيضًا ! 

فقال عمر : الا تملك إجابة يا جدي ؟ فقال الجد: للأسف لا، و لكن عندما تعرف أنت الإجابة هل بإمكانك أن تقولها لي؟  فقال عمر : حاضر يا جدي .

عاد عمر الي بيته و معه الكتاب الذي استعاره من المكتبة، قرأه مرة اخرى و فهم المعلومات و دونها في دفتر الإجابات الخاصة به. و سأل امه هل عادت شبكة الانترنت فقالت : نعم. فبحث عمر علي جوجل ووجد إجابة أخري و دونها في دفتر الإجابات. 

ثم دمج هذه الإجابات كلها التي توصل اليها حتي أصبحت إجابة السؤال : إننا كلما ارتفعنا عن سطح الأرض كلما قلت الجاذبية الأرضية، و كلما قلت الجاذبية الأرضية كلما قلت حركة جزيئات الهواء، فقلة حركة الجزيئات تقلل درجة حرارة الهواء، و هكذا حتى تصبح درجة الحرارة صفر مئوية عندها يتجمد بخار الماء و نرى الثلوج . 

ألا ترى أنك في الشتاء تشعر بالبرودة فتقوم بالتحرك وفرك  اليدين حتي يعود لك الدفء. 

فرح عمر فرحا شديدا و قفز في الهواء لسعادته و قال: اخيرًا اخيرًا. لأنه وجد الإجابة.

ذهب عمر الي جده مسرعا بالدراجة فقال لجده : لقد وجدت الإجابة يا جدي فقال الجد: و ما هي يا عمر؟  فقال له عمر الإجابة بكل سرور. 

قال الجد لعمر : لك مني مكافأة  لأنك كافحت لتحصل علي إجابة السؤال. 

هل تريدون أن تعرفوا المكافأة ؟ انتظروا القصة التي سيرويها لنا عمر في المرة القادمة. 

الي اللقاء يا أصدقاء.