ليلى محمد عبد الوهاب
في إحدى مراكز علاج الإدمان كان هناك مجموعه من الشباب يجلسون مع طبيبهم في جو من الراحة والطمأنينة مع ضوء واضح ومقاعد مريحه.
فبدأ الطبيب بالتحدث قائلا: أريد أن أعرف قصه كلا منكم في بدايته مع الإدمان.
فبدأ محمد بسرد بدايته قائلا: “لقد كنت مستعدا أن أفعل أي شيء للتخلص من الاكتئاب” فأقبلت علي تعاطي المخدرات هربا من هذا المرض وما يسببه من شعور بالنهاية والحزن. وكنت أعاني في ذلك الوقت من سوء المظهر الخارجي وكنت متقلب المزاج وكثير العنف والتعصب وكنت دائم الكذب.
وبعدها قال هلال وعيناه مليئتان بالدموع: أما أنا بعد وفاه والدي شعرت بالوحدة والقلق وغابت أهدافي في الحياة فاتجهت لتعاطي المخدرات هروبا من ذلك الشعور المؤلم.
أما مازن فقال في حزن وندم: “جرب معنا ولن تندم” تلك الجملة كانت سببا في انزلاقي في طريق الادمان، ففي يوم من الأيام كنت أجلس مع أصدقائي في المقهى وكانوا يتفقون علي الذهاب لتعاطي المخدر وأخذوا يضغطون علي لمشاركتهم، وبعد محاولات من الإلحاح الشديد جربت معهم وكانت هذه أول درجة من درجات سلم الإدمان. وبعدها بدأت أتعاطى المخدرات عن عمد دون أن أخذ في حسباني أنني قد أصبح مدمنا وبعدها أصبحت مدمنا أتعاطى معهم دائما، ولم أكتفي بكمية محدودة بل بدأت أزيد الجرعة مرة بعد مرة، لم أفق من هذا الكابوس إلا عندما رأيت أعز أصدقائي يموت أمام عيني، ففجأة بدأ بالتعرق، وأصابوه حالة من التشنجات، وارتفعت درجه حرارته حتى فقد وعيه ومات. في تلك اللحظة شعرت بأنني في حلم والحل الوحيد كي أستيقظ من هذا الحلم البشع هو أن أتعالج من ذلك السم الذي قضى علي صديقي بعدما تدهورت حالته ووصل لأخطر مرحله وهي مرحلة ال لا عودة، وكاد أن يقضي علي. وبعدها حمدت الله أنه نبهني قبل أن أقضي علي نفسي. وبعد ذلك جئت إلي هنا لكي أتعالج وأعود إنسانا طبيعيا مره أخرى ولكن لم أكن أتوقع أن رحله العلاج ستكون بهذه الصعوبة.
عندما جئت إلي هنا تأكدتم من رغبتي الشديدة في التعافي من الإدمان، وكان حماسي يزيد يوما بعد يوم، وكنت عندما أجلس معك، ونتحدث مع بعضنا كنت تزيد من رغبتي في التعافي من الادمان. وفي رحلتي مع العلاج مررت بعده مراحل كانت في غاية الصعوبة، ولكن تحملتها من أجل نفسي، وعائلتي، وكل من يحبني.
فكانت أولى هذه المراحل هي أهمهم في رحلة العلاج وهي نزع السموم من جسدي التي أصبحت جزءا منه وإزالتها بشكل كامل من الدم. وبعدها بدأت أشعر بأعراض الانسحاب فقد كنت أشعر بالأرق واضطراب النوم وكنت أعاني من آلام البطن وارتفاع ضغط الدم ودرجة الحرارة، لدرجة أنني فكرت في الانتحار للتخلص من هذه المعاناة. ولكن بدأت هذه الأعراض تقل مره بعد مره حتي انتهت مع الاستمرار والالتزام في العلاج. وتعلمت العديد من المهارات التي ساعدتني علي عدم الانتكاسة مره أخرى من خلال جلسات العلاج النفسي والسلوكي وتناولت بعض الأدوية التي ساعدتني على العلاج النفسي، وجلساتنا اليومية مع بعضنا ساعدتني كثيرا في اخراج كل ما بداخلي من مشاكل وهموم. وتحفيزك لي يا طبيبي، ودعمي نفسيا من الجميع زاد حماسي في الاستجابة للعلاج، والإصرار علي تخطي الصعاب.
فقال الطبيب: أتعلمون أنني أيضا عشت تجربه الادمان، ولكن لم أكن أنا المدمن، فقد كان أخي الكبير، كنت ذلك الوقت في الخامسة عشر من عمري، وكان أخي هذا في العشرين من عمره، وكان مدمنا المخدرات، حيث كان يجتمع هو وزملاءه كل يوم ليتعاطوها ففي يوم من الأيام كانت أمي تنظف غرفة أخي هذا، فوجدت أكياس المخدرات في خزانته، فأسرعت إلى أبي وأخبرته بما حدث، فقال لها دعي لي هذا الأمر، وعندما عاد أخي في المساء، استوقفه أبي قبل أن يدخل إلى غرفته وسأله أبي قائلا: ما هذا الكيس يا بني، لقد وجدته أمك في خزانتك وهي تنظف الغرفة، فبدأت تظهر على وجهه ملامح الخوف والقلق، ورد في ربكة قائلا: لا أعرف ما هذا ولا أعرف ما الذي جاء به الى غرفتي. فقال له أبي: قل لي الحقيقة ولا تخف سأساعدك، ولكن أخبرني بالحقيقة. فقد كان أبي يتسم بالحكمة في تصرفاته وقراراته، فرد عليه أخي في حزن وندم: اتفق معي أصدقائي أننا سوف نقوم بالتجربة فقط، وبعدها لم نقدر علي التوقف عن التعاطي، ولكني لا أعرف لماذا وافقتهم علي هذا، ولماذا اتجهت معهم لهذا الطريق اللعين، ولكن كل ما أقدر على قوله الآن هو: سامحني يا أبي.. سامحني علي هذه المعصية التي ارتكبتها، لقد كنت في غفله، سأفعل كل ما تشاء، وأتوقف عن التعاطي. حتي ترضى عني، ويرضى الله عز وجل عني. فرضاك من رضا ربي.
ووعد أبي أن يتوقف عن تعاطي المخدرات ، وبعدها ذهب كل واحد منهم لينام، وفي الصباح أصيب أخي بأعراض الانسحاب، وكان يريد الخروج بأي طريقه للحصول على المخدرات، ولكن أبي أغلق عليه باب الغرفة قبل أن ينام لأنه كان يعرف ما سيحدث، وبعدها اتصل بمصحه نفسيه لكي يأخذوه لتلقي العلاج، فجاءوا إلى البيت، وسيطروا علي الموقف، وأخذوا لتلقي العلاج. وعندما كنت أذهب لزيارته كان يحكي لي عن المعاناة والأعراض التي يشعر بها وصعوبة مراحل العلاج، وعن ندمه الشديد عن كل ما فعله، وكان أيضا يحكي لي عن زملاءه وأسباب تعاطيهم للمخدرات فكان لكل منهم ظروف مختلفة، فقررت أن أصبح طبيبا نفسيا لمعالجه المدمنين، لكي أشجعهم وأخفف عنهم آلامهم، وأبث فيهم العزيمة، والقوه، والإصرار علي التعافي. وبعد رحله علاج دامت ثلاثة أشهر متتالية، عرف أخي قيمة أبي الذي تفهمه، ولم يلومه علي عكس باقي زملائه في المصحة الذين حكوا له قصتهم. وسعيت وراء حلمي واجتهدت وذاكرت، وأصررت علي تحقيق هدفي، حتي أصبحت الطبيب الجالس أمامكم الآن.
وهذه هي نصيحتي لكم من كان لديه هدف يجب أن يسعي لتحقيقه، ويجب أن تتخطى جميع الصعاب التي تواجهك، فالوصول الي الحلم ليس سهلا بل يحتاج الي جهد عظيم لتحقيقه، وإصرار علي تخطي العقبات، لتشعر بالنجاح والفخر بنفسك، فعندما تمشي في طريق ملئ بالحفر والرمال تتخطاهم جميعا بتركيز ،كي تحقق هدف الوصول لأخر الطريق وتشعر بالراحة والطمأنينة والنجاح، فهل لدى أحدكم حلم يسعى لتحقيقه بعد الخروج من هنا.
فقال محمد في حماس : حلمي أن أكون مهندسا ناجحا، وأقوم بتخطيط وتصميم المنازل والعقارات، كما تتمنى أمي، وإن شاء الله سأجتهد لأصل للنجاح، فمع الاصرار والعزيمة يتواجد الأمل وبعدها يتحقق بإذن الله.
وبعدها قال محمد : أنا ماهر في السباحة، وأتمنى أن أكون سباحا ماهرا، وأدخل في المسابقات، وأربح العديد من الجوائز والبطولات، وأن أكون فخورا بنفسي.
فقال له الطبيب: طالما تسعى دائما وتحقق النجاح يجب أن تكون فخورا بنفسك، حتى لو لم يوفقك الله في تحقيق حلمك، فذلك هو الخير، وسيعوضك بالأجمل دائما، فقط توكل عليه، لأنه الله.
اسم المسرحية: صراع مع الإدمان.
تساؤلاتي في موضوع الإدمان:
- ما هو السبب الذي يدفع الإنسان إلى الإدمان؟
- ما هي أعراض الإدمان؟
- ما هي مراحل تحول الشخص السوي لشخص مدمن؟
- كيف يتم علاج الإدمان؟
لقد استمتعت كثيرا في هذه الرحلة، وتعلمت الكثير، وكانت الأستاذة: إسراء ذكي بجانبنا دائما ترشدنا وتهدينا وتساعدنا في حل جميع تساؤلاتنا بطريقه صحيحه، فجزاها الله كل خير. وأطلقنا في هذه الرحلة جميع تفكيرنا وتركيزنا للكتابة وحل التساؤلات، وتعلمنا أيضا العديد من المهارات التي تساعدنا علي الكتابة.