كان معاذ يحلم بأن يصبح رائد فضاء وكان يرسم في دفتره رسومات للنجوم والكواكب ومركبات الفضائية، وفي كل ليلة كان يقرأ عن الفضاء. وفي يوم من الأيام، جلس معاذ ليقرأ كتابًا عن الكواكب والمجموعة الشمسية ليبحث عن إجابات لتساؤلات تحيره ولاحظ صورة لرائد فضاء يطفو فوق سطح أحد الكواكب فتساءل عن سبب اختلاف الجاذبية على الأرض والكواكب الأخرى في مجموعتنا الشمسية. وأثناء قراءته، قالت له أمه: هيا أخلد يا معاذ إلى النوم.
استجاب معاذ لطلب أمه، وبينما كان معاذ يفكر في حلمه بأن يصبح رائد فضاء أغمض عينيه وفجأة رأى نفسه في مركبة فضائية يرتدي ملابس رواد الفضاء ورأى رائد فضاء يقول له: مرحبا بك في مركبتنا أنا قائد المركبة. قال معاذ: مرحبا بك، أين نحن الآن. قال له القائد: نحن في الفضاء. شعر معاذ بالقلق والحيرة، وفجأة سمع صوت جهاز الإنذار فقال معاذ: ماذا يحصل؟ قال القائد: هناك صخور تمر بالقرب من المركبة لكن لا تقلق أنا سأتولى الأمر.
وبعد قليل، نظر معاذ من نافذة المركبة الفضائية، وشعر بالخوف وقال: قرأت أنه يوجد ملايين النجوم في الفضاء، فما سبب كل هذا الظلام في الفضاء. قال القائد: بالفعل يوجد ملايين النجوم التي تبعث الضوء، لكن بسبب الفراغ الكبير في الفضاء وقلة الجسيمات العاكسة للضوء فإن الضوء يعبر الفضاء في خطوط مستقيمة ليمتصه الفراغ، في حين يختلف الأمر على كوكبنا فغلافنا الجوي على الأرض يحتوي على جزيئات تعكس أشعة الشمس فتصبح السماء منيرة نهارًا. شعر معاذ بالسرور والراحة وقال: نعم، الآن فهمت، لكن إلى إين نحن ذاهبون. قال القائد: سنذهب إلي كوكب المشترى الذي يبعد عن الأرض حوالي 129 سنة ضوئية. تحير معاذ وقال: ما هي السنة الضوئية؟ قال القائد: السنة الضوئية هي المسافة التي يقطعها الضوء خلال سنة واحدة وتستخدم لقياس المسافات البعيدة الكبيرة والبعيدة جداً كالمسافة بين الأرض والنجوم.
نظر معاذ من النافذة يتأمل ويسأل: هل يوجد هواء نقي على الكواكب البعيدة أيضا؟ قال القائد: حتى الآن لايزال العلماء يبحثون عن كواكب أخرى بها هواء نقي تصلح للعيش فيه. وبعدها اندهش معاذ عندما رأي كوكب المشترى، أكبر الكواكب في مجرة درب التبانة ولاحظ وجود العديد من الأجسام المعتمة التي تدور حوله فسأل القائد عن هذه الأجسام فأجابه: إنها أقمار مثل القمر الذي تراه في الليل إذا كنت على سطح الأرض، لكن هناك 79 قمر يدور حول المشترى وذلك بسبب جاذبيته التي تمكنه من جذب الكثير من الأقمار. وهنا سأل معاذ: وهل للشمس والقمر جاذبية مثل الكواكب؟ قال القائد: بالطبع يا معاذ لجميع الأجسام جاذبية ولهذا تدول الكواكب حول الشمس ولا تسبح بعيدًا في الفضاء.
وعندما هبطت السفينة علي كوكب المشترى، شعر معاذ بأنه لا يستطيع المشي بسبب ثقل وزنه وقال: أشعر أني لست على ما يرام. فضحك رائد الفضاء وقال له: لا تقلق إنه أمر طبيعي أن تشعر بثقل وزنك بسبب قوة الجاذبية علي هذا الكوكب. شعر معاذ بالحير وقال: على كوكب الأرض جاذبية أيضا فلماذا لا أشعر بهذا الثقل هناك؟ وما علاقة الجاذبية بثقل الوزن؟ قال القائد: كلما زادت قوة الجاذبية زاد وزنك ولأن قوة الجاذبية على كوكب المشرى أكبر من الجاذبية على الأرض فإنك تشعر بهذا الثقل في الوزن. وهنا شعر معاذ بالسرور لأنه يقترب من إجابة تساؤلاته عن سر الجاذبية أكثر فأكثر.
شعر معاذ بالحماسة أثناء رحلته على سطح كوكب المشترى رغم أن الكوكب مليئ بالصخور ولا ماء ولا هواء فيه واشتاق إلى العودة إلى كوكب الأرض. وأثناء عودتهما، تذكر معاذ سؤال كان يشغل تفكيره دائمًا. وسأل القائد: ما سبب اختلاف قوة الجاذبية على الكواكب؟ قال له القائد: انظر إلى حجم هذه الكواكب ستلاحظ اختلاف حجمها، كلما كان الحجم أكبر كانت الجاذبية أقوى ولذلك لا تطفو الأجسام في الهواء أو تسير بصعوبة على سطح كوكب الأرض لأن حجمه متوسط وبالتالي جاذبيته متوسطة أيضًا. فرح معاذ كثيرا لأنه توصل إلى إجابة سؤاله وقال: الحمد لله الذي أنعم علينا بالحياة على كوكب الأرض ووفر لنا سبل الحياة كافة.
وبعد مرور وقت طويل، نظر معاذ من النافذة ورأى من بعيد كوكب الأرض بجماله وكيف أنه أجمل الكواكب وأنه يتميز بهواء نقي وجاذبية متوسطة وتربة خصبة وكل ما يلزم لاستمرار الحياة. وفجأة شعر معاذ بأهتزاز شديد بينما كانت السفينة تخترق الغلاف الجوي وقبل أن ترتطم السفينة بالأرض استيقظ معاذ من نومه ليجد نفسه في غرفته فذهب سريعًا إلى أمه وسألها بحماس: أمي من هو مكتشف الجاذبية؟ اندهشت الأم من حماسه وقالت: إنه اسحق نيوتن. قال لها: هل تعلمين أنه إذا لم توجد جاذبية سيطفو كل شيء في الفضاء وبدأ معاذ يحكي رحلته إلى كوكب المشترى ويطرح عليها المزيد والمزيد من الأسئلة ليبدأ بذلك رحلة تساؤل جديدة.